في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة: ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار، فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ نحو الجنوب كي تزور الشمس، واتصلت ولكن لم تجدني في الصباح، فقد خرجت لاشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتين من النبيذ وربما اختلفت مع الزوج القديم على شئون الذكريات، فأقسمت ألا ترى رجلاً يُهددُها بصُنع الذكريات وربما اصطدمت بتاكسي في الطريق إلي، فانطفأت كواكب في مجرتها.
لولا الحنين إلى جنة غابرة لما كان شعرُ ولا ذاكرة ولما كان للأبدية معنى العزاء. هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟ سيري ببطءٍ يا حياةُ لكي أَراك بِكامل النقصان حولي كم نسيتُكِ في خضمّكِ باحثاً عنّي وعنكِ وكُلّما أدركتُك سرّاً منك قُلتِ بقسوةٍ: ما أَجهلك هذا البحر لي هذا الهواء الرٌطْب لي هذا الرصيف وما عليْهِ من خطاي وسائلي المنوي لي ومحطٌة الباصِ القديمة لي. ولي شبحي وصاحبه. وآنية النحاس وآية الكرسيٌ، والمفتاح لي والباب والحرٌاس والأجراس لي لِي حذْوة الفرسِ التي طارت عن الأسوار. لي ما كان لي وقصاصة الورقِ التي انتزِعتْ من الإنجيل لي والملْح من أثر الدموع على جدار البيت لي واسمي وإن أخطأت لفظ اسمي علي التابوت لي. أما أنا وقد امتلأت بكلٌ أسباب الر حيل فلست لي أنا لست لي w اشتركي لتكوني شخصية أكثر إطلاعاً على جديد الموضة والأزياء سيتم إرسـال النشرة يوميًـا من قِبل خبراء من طاقمنـا التحرير لدينـا شكراً لاشتراكك، ستصل آخر المقالات قريباً إلى بريدك الإلكتروني اغلاق
محمود درويش.. (في حضرة الغياب)
عمّان-الغد- "سطر سطرا أنثرك أمامي بكفاءة لم أوتها إلا في المطالع وكما أوصيتني، أقف الآن باسمك كي أشكر مشيعيك إلى هذا السفر الأخير، وادعوهم إلى اختصار الوداع والانصراف إلى عشاء احتفالي يليق بذكراك فلتأذن لي بأن أراك، وقد خرجت مني وخرجت منك، سالماً كالنثر المصفى على حجر يخضرّ أو يصفرّ في غيابك". في حضرة الشاعر محمود درويش، يحتفي مسرح البلد مساء اليوم بنثره الجديد الصادر عن دار رياض الريس "في حضرة الغياب"، ويوقع الشاعر كتابه الذي يستعيد الحياة بدهشة أولى، دهشة المستغرب أو متأمل يحمل كرة زجاجية يرى فيها صنيع حياته شعراً ونثراً، منفى ووطناً. افتتح الشاعر سرده راثياً ملهاة الحياة ومأساتها وعبثية الوجود وثنائية الحضور والغياب النثر والشعر.
لك الحمد حتى ترضى, 2024 | Sitemap