ولو كان الاستثمار في أحط المشروعات المثيرة للغرائز ، المحطمة للكيان الإنساني.. وفوق كل شيء.. هذا الربح الدائم لرأس المال؛ وعدم مشاركته في نوبات الخسارة - كالتجارة - وقلة اعتماده على الجهد البشري ، الذي يبذل حقيقة في التجارة.. إلى آخر قائمة الاتهام السوداء التي تحيط بعنق النظام الربوي؛ وتقتضي الحكم عليه بالإعدام؛ كما حكم عليه الإسلام! فهذه الملابسة بين الربا والتجارة؛ هي التي لعلها جعلت هذا الاستدراك - { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} يجيء عقب النهي عن أكل الأموال بالباطل. وإن كان استثناء منقطعاً كما يقول النحويون! { ولا تقتلوا أنفسكم. إن الله كان بكم رحيماً}.. تعقيب يجيء بعد النهي عن أكل الأموال بالباطل؛ فيوحي بالآثار المدمرة التي ينشئها أكل الأموال بالباطل في حياة الجماعة؛ إنها عملية قتل.. يريد الله أن يرحم الذين آمنوا منها ، حين ينهاهم عنها! وإنها لكذلك. فما تروج وسائل أكل الأموال بالباطل في جماعة: بالربا. والغش. والقمار. والاحتكار. والتدليس. والاختلاس. والاحتيال. والرشوة. والسرقة. وبيع ما ليس يباع: كالعرض. والذمة. والضمير. والخلق. والدين! - مما تعج به الجاهليات القديمة والحديثة سواء - ما تروج هذه الوسائل في جماعة ، إلا وقد كتب عليها أن تقتل نفسها ، وتتردى في هاوية الدمار!
فَاللهُ تَعَالَى يُحَرِّمُ عَلى النَّاسَ تَعَاطِي الأَسْبَابِ المُحَرَّمَةِ فِي اكْتِسَابِ الأَمْوَالِ ، وَاسْتَثْنَى مِنَ التَّحْرِيمِ المُتَاجَرَةَ المَشْرُوعَةِ التِي تَتِمُّ عَنْ تَرَاضٍ بَينَ البَائِعِ وَالمُشْتَرِي ، فَسَمَحَ اللهُ لِلمُؤْمِنِينَ بِتَعَاطِيهَا ، وَالتَّسَبُّبِ فِي كَسْبِ الأَمْوَالِ بِهَا. وَيَنْهَى اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَنْ قَتْلِ أَنْفُسِهِمْ بِارْتِكَابِ المُحَرَّمَاتِ ، وَأكْلِ الأَمْوَالِ بِالبَاطِلِ ، فَإنَّ اللهَ كَانَ رَحِيماً بِهِمْ فِيمَا أمَرَهُمْ بِهِ ، وَنَهَاهُمْ عَنْهُ ، لأنَّ فِيهِ صَلاَحَهُمْ. وَهذِهِ الآيَةُ تَشْمَلُ أَيْضاً مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ قَتْلاً حَقِيقاً وَأَعْدَمَها الحَيَاةَ بِحَديدٍ أَوْ بِسُمٍّ أوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ. وَجَعَلَ اللهُ جِنَايَةَ الإِنسَانِ عَلى غَيْرِهِ جِنَايَةً عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى البَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ. وَمَنْ تَعَاطَى مَا نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مُعْتَدِياً فِيهِ عَلَى الحَقِّ ، وَظَالِماً فِي تَعَاطِيهِ ، وَعَارِفاً بَتَحْرِيمِهِ ، وَمُتَجَاسِراً عَلَى انْتِهَاكِهِ ، فَإنَّ اللهَ سَوْفَ يُعَذِّبُهُ فِي نَارِ جَهَّنَم ، وَذَلِكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ عَليهِ.
وقد حارب الإسلام الربا وتوعد بالحرب آكليه، وقال تعالى: "يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مّؤمنين. فإن لّم تفعلوا فأذنوا بحرب مّن اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون".
حكم أكل أموال الناس بالباطل: صور أكل المال الحرام: حكم أكل أموال الناس بالباطل: إنّ معنى أكل الناس أموالها بغير حق عبارة عما يأخذهُ المرء بصفة الاستيلاء عليه من غير وجهِ حق، سواء كان عن طريق السرقة أو عن طريق النهب أو غصباً أو ظلماً أو عدوناً أو احتيالاً وكلّ تلك الأمور حرمها الإسلام وحذر من مخاطرها. ويُعتبرُ أكلُ أموال الناس حرام وأنّ من يفعل مثل ذلك الأمرُ مُعرض للعذاب الشديد، وقد ورد عدة أدلة على هذا الفعل في كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريمة. فقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا – وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا" النساء: 29-30. وقال تعالى أيضاً: " وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" البقرة:188.
لك الحمد حتى ترضى, 2024 | Sitemap